روائع مختارة | قطوف إيمانية | نور من السنة | حديث جبريل.. الطويل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > نور من السنة > حديث جبريل.. الطويل


  حديث جبريل.. الطويل
     عدد مرات المشاهدة: 4110        عدد مرات الإرسال: 0

من الأحاديث العظيمة التي بين النبي صلى الله عليه وسلم فيها أصول الدين , حديث جبريل المشهور , عندما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

على هيئة رجل يسأله ويستفتيه عن بعض المسائل الهامة , والحديث رواه الإمام مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: 

بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم , إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب , شديد سواد الشعر , لا يُرى عليه أثر السفر , ولا يعرفه منا أحد , حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فأسند ركبتيه إلى ركبتيه , ووضع كفيه على فخذيه.

وقال: يا محمد , أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتصوم رمضان , وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا) . قال:  صدقتَ , قال:  فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال:  فأخبرني عن الإيمان؟ قال:  (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر , وتؤمن بالقدر خيره وشره) .

قال:  صدقت. قال فأخبرني عن الإحسان؟ قال:  (أن تعبد الله كأنك تراه , فإن لم تكن تراه فإنه يراك) . قال:  فأخبرني عن الساعة؟ قال:  (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) . قال:  فأخبرني عن أمارتها؟ قال:  (أن تلد الأمة ربَّتها , وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاءَ الشاء يتطاولون في البنيان) . قال:  ثم انطلق , فلبثتُ ملِيَّا , ثم قال لي:  (يا عمر , أتدري من السائل؟ ) . قلت:  الله ورسوله أعلم. قال:  (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) .

فهذا الحديث قد اشتمل على بيان أصول الدين وقواعده , ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في آخره (هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) , فجعل ما في هذا الحديث بمنزلة الدين كله.

الإسلام:

بدأ جبريل بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام , والإسلام هو إظهار الخضوع للشريعة و التزام ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من عند ربه , وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأعمال الجوارح الظاهرة , ومن هذه الأعمال ما هو بدني كالصلاة والصوم , ومنها ما هو مالي كإيتاء الزكاة , ومنها ما هو مركب منهما كالحج فهو عبادة مالية وبدنية.

الإيمان:

وأما الإيمان فقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالأعمال الباطنة , فقال:  أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله , والبعث بعد الموت , وتؤمن بالقدر خيره وشره.

وهذه هي أصول الإيمان الخمسة التي ذكرها الله عز وجل في مواضع من كتابه , كقوله تعالى:  {ومن يكفر بالله وملا ئكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيداً} (النساء 136). وقال سبحانه:  {إنا كل شيء خلقناه بقدر} (القمر 49) .

وإنما فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين الإسلام والإيمان , فجعل الإسلام خاصا بأعمال الجوارح الظاهرة , وجعل الإيمان خاصا بالأعمال الباطنة , لاجتماع هذين الاسمين معاً في سياق واحد , فكان لكل واحد منهما معنى خاصا , وأما إذا ذكر كل واحد منهما على انفراد فإن أحدهما يدخل في الآخر.

فيدخل في الإسلام الاعتقادات والأمور القلبية , كما قال عز وجل:  {إن الدين عند الله الإسلام} (آل عمران 19) , وكذلك الإيمان إذا ذكر مفردا فإنه تدخل فيه أعمال الجوارح الظاهرة , قال صلى الله عليه وسلم:  (الإيمان بضع وسبعون شعبة , فأفضلها قول لا إله إلا الله , وأدناها إماطة الأذى عن الطريق , والحياء شعبة من الإيمان} أخرجه مسلم.

وأما الإيمان بالقدر فهو على أربع مراتب كما بين أهل العلم: 

الأولى:  مرتبة العلم:

وهي الإيمان بأن الله تعالى سبق في علمه ما كان وما سيكون من أفعاله وأفعال عباده , وأن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما.

والثانية:  مرتبة الكتابة:

وهي الإيمان بأنه تعالى كتب في اللوح المحفوظ ما سيكون إلى يوم القيامة , وذلك قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة , وكان عرشه على الماء.

والثالثة:  مرتبة المشيئة:

وهي الإيمان بأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا يخرج شيء في هذا الكون عن إرادته الكونية ومشيئته جل وعلا.

والمرتبة الرابعة:  الخلق والإيجاد:

وهي الإيمان بأن الله خالق كل شيء , فالعباد مخلوقون، وأفعالهم مخلوقة , قال عز وجل:  {والله خلقكم وما تعملون} (الصافات 37) وكل ما سوى الله مخلوق مفتقر إليه سبحانه وتعالى.

الإحسان:

وأما درجة الإحسان فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد لن يستطيع أن يصل إليها إلا بأن يعبد الله كأنه يعاينه وينظر إليه , فإنه إذا استحضر ذلك عند أداء العبادة.

فلن يترك شيئا يقدر عليه من الخضوع والخشوع وحسن السمت واجتماع القلب والاعتناء بإتمام العبادة إلا أتى به , ومن شق عليه ذلك فليعبده عبادة من يعلم أن الله يراه ويطلع عليه.

والمقصود هو الحث على الإخلاص في العبادة , ومراقبة الله عز وجل في السر والعلن , وهي درجة رفيعة ومقام عال , لا يصل إليه إلا القليل من الناس.

وقد دل القرآن على هذا المعنى في مواضع متعددة كقوله تعالى:  {وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه} (يونس 61) .

علامات الساعة:

ثم سأل جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة , فأخبره أن السائل والمسؤول علمهم عنها سواء , فالساعة علمها عند ربي في كتاب , وهي أحد مفاتيح الغيب الخمسة التي لا يعلمها إلا الله عز وجل , فسأله عن علاماتها فذكر له النبي صلى الله عليه وسلم علامتين: 

العلامة الأولى: 

أن تلد الأمة ربتها وسيدتها , فإن السيد إذا وطئ أمته فأنجبت له أولادا كان هؤلاء الأولاد بمنزلة أبيهم في الحرية والسيادة , فكأنه صلى الله عليه وسلم يشير إلى أنه في آخر الزمان , ستفتح البلاد على المسلمين , ويكثر الرقيق والإماء حتى يكون للأمة أولاد من سيدها , فإذا وقع ذلك كان علامة على قرب الساعة ودنو أجلها.

العلامة الثانية: 

أن ترى الحفاة العراة الفقراء رعاة الغنم والشياة , الذين كانوا لا يملكون شيئا من حطام الدنيا , يتطاولون ويشيدون المباني العالية , مباهاة ومفاخرة , والمقصود أن الأسافل والأراذل يصيرون رؤساء على الناس , وأن الأمر سيوسد إلى غير أهله.

فمن تأمل هذا الحديث وجد أن قد اشتمل على شرح جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة , من عقود الإيمان , وأعمال الجوارح , وإخلاص السرائر , والتحفظ من آفات الأعمال , فصلوات الله وسلامه على من أوتي جوامع الكلم.

المصدر: موقع إسلام ويب